للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قومه فلحقوا بالعلاء بن الحضرمي فقاتل معه المرتدين من أهل البحرين (١).

الله أكبر، ما أحلم النبي محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وما أعظمه من موقف، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يتألف القلوب، ويلاطف من يُرجى إسلامه من الأشراف الذين يتبعهم على إسلامهم خلق كثير.

وهكذا ينبغي للدعاة إلى الله - عز وجل - أن يعظّموا أمر الحلم والعفو عن المسيء، لأن ثمامة أقسم أن بغضه انقلب حبًّا في ساعة واحدة؛ لما أسداه النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه من الحلم والعفو والمنّ بغير مقابل، وقد ظهر لهذا العفو الأثر الكبير في حياة ثمامة، وفي ثباته على الإسلام ودعوته إليه (٢)؛ ولهذا قال:

أهمّ بترك القول ثم يردّني ... إلى القول إنعامُ النّبيّ محمّدِ

شكرتُ له فكّي من الغلِّ بعدما ... رأيت خيالاً من حسامٍ مهنّدِ (٣)

[الصورة الثامنة: مع من جبذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بردائه]

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذةً شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أثّرت به حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضحك، ثم أمر له بعطاء (٤).


(١) انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ١/ ٢٠٣.
(٢) انظر: شرح النووي على مسلم، ١٢/ ٨٩، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٨/ ٨٨.
(٣) انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ١/ ٢٠٣.
(٤) البخاري، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، برقم ٣١٤٩، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة، برقم ١٠٥٧.

<<  <   >  >>