للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن كان له عزيمة ولكن لا ثبات له عليها فهو ناقص، فإذا انضم الثبات إلى العزيمة أثمر كل مقام شريف وحالٍ كامل، ولهذا يُرْوَى: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد)) (١)، وشجرة الثبات والعزيمة لا تقوم إلا على ساق الصبر (٢).

السادس عشر: الصبر يجعل الداعية إلى الله - عز وجل - يضبط نفسه عن أمور لابد له من الابتعاد عنها، ومنها: ضبط النفس عن الاندفاع بعوامل الضجر، والجزع، والسأم، والملل، والعجلة، والرعونة، والغضب، والطيش، والخوف، والطمع، والأهواء، والشهوات، وبالصبر يتمكن الداعية أن يضع الأشياء مواضعها، ويتصرف في الأمور بعقل واتِّزان، وينفِّذ ما يريد من تصرف في الزمن المناسب بالطريقة المناسبة الحكيمة، وعلى الوجه المناسب، بخلاف عدم الصبر الذي يوقع في التسرع والعجلة، فيضع الداعية الأشياء في غير مواضعها، ويتصرف فيخطئ في تحديد الزمان، ويسيء في طريقة التنفيذ، وربما يكون صاحب حق فيكون مفسداً، ولو أنه اعتصم بالصبر لسلم من ذلك كله بإذن الله تعالى (٣)، وبهذا يتضح أن الصبر ضروري للداعية يتسلح به ويتصف به في محاور ثلاثة:

المحور الأول: الصبر على طاعة الله والدعوة إليه.

المحور الثاني: الصبر عن محارم الله.


(١) الترمذي، كتاب الدعوات، باب منه، برقم ٣٤٠٧، ٥/ ٤٧٦، والنسائي، كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم ١٣٠٤، ٣/ ٥٤، وأحمد في المسند، ٤/ ١٢٥.
(٢) انظر: طريق الهجرتين وباب السعادتين، لابن القيم، ص٤٤٠.
(٣) انظر: عدة الصابرين لابن القيم، ص١٤٠، والأخلاق الإسلامية وأسسها للميداني، ٢/ ٣٠٥، و٣٢٩.

<<  <   >  >>