للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ الله قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ} (١).

[المطلب الثاني: الصبر عن المعاصي والمحرمات]

إذا أخذت الدنيا زينتها وأقبلت على الإنسان تتراقص كالحسناء اللعوب، ونشرت شهواتها ذات اليمين وذات الشمال، فهذا لون جديد من الابتلاء، إنه فتنة السرَّاء؛ لأن الله يبلو عباده بالشر والخير.

قال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (٢).

انظر رحمك الله لقد جعل ذو الجلال والإكرام التنعيم والإكرام ابتلاءً كالتضييق في الرزق سواء.

ولذلك فالعبد محتاج إلى الصبر عن ملاذ الدنيا وشهوات النفس، فلا يطلق لها العنان لتسترسل وراء شهواتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث.

وثمة أمر آخر للصبر في هذا المجال إنه الصبر عن التطلُّع إلى دنيا الآخرين، والاغترار بما ينعمون به من مال وبنين.

قال تعالى: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرُ وَأَبْقَى} (٣).

ولا تظن أيها العبد القانع بما آتاه الله أن ما في أيدي الطغاة العتاة

المغرورين نعم .. إنها نقم ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

ألم تقرأ قول الله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ *


(١) سورة النمل، الآية: ٦٢.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ٣٥.
(٣) سورة طه، الآية: ١٣١.

<<  <   >  >>