للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالأقوال، ولا سيما العامّة وأرباب العلوم القاصرة؛ فإنهم ينتفعون من السيرة والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، ما لا ينتفعون من الأقوال التي قد لا يفهمونها، فالداعي إلى الله - عز وجل - من أهمّ المهمات في حقه أن يكون ذا سيرة حسنة، وذا عمل صالح، وذا خلق فاضل حتى يُقتدى بفعاله وأقواله (١).

ولهذا قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ

صَالِحًا}، الآية. وهذه الآية الكريمة تفيد أن الدعاة إلى الله - عز وجل - هم أحسن الناس قولاً إذا حققوا قولهم بالعمل الصالح، والتزموا الإسلام عن إيمان ومحبة وفرح بهذه النعمة العظيمة، وبذلك يتأثّر الناس بدعوتهم، وينتفعون بها ويحبونهم عليها، بخلاف الدعاة الذين يقولون ما لا يفعلون، فإنهم لا حظّ لهم من هذا الثناء العاطر، ولا أثر لدعوتهم في المجتمع، إنما نصيبهم في هذه الدعوة المقت من الله - سبحانه - والسب من الناس، والإعراض عنهم والتنفير من دعوتهم.

قال الله - عز وجل - موبِّخاً اليهود: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (٢)، فأرشد - سبحانه - في هذه الآية إلى أن مخالفة الداعي لِمَا يقول أمر يخالف العقل، كما أنه يخالف الشرع، فكيف يرضى بذلك من له دين أو عقل (٣).

وصحّ عن النبي، - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يُؤتى بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار،


(١) مجموع فتاوى ابن باز، ٣/ ١١٠.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٤٤.
(٣) انظر: فتاوى ابن باز، ٢/ ٣٤٣.

<<  <   >  >>