للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} (١)، أي يمشون في سكينة ووقار متواضعين غير أشرين ولا متكبّرين، ولا مرحين، فهم علماء، حلماء، وأصحاب وقار وعفّة (٢).

والدعاة إلى الله تعالى إذا تواضعوا رفعهم الله في الدنيا والآخرة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً، ومن تواضع لله رفعه)) (٣).

وهذا ما يفتح الله به للداعية قلوب الناس؛ فإن الله يرفعه في الدنيا والآخرة، ويثبت له بتواضعه في قلوب الناس منزلة ويرفعه عندهم ويجلُّ مكانه (٤)، أمَّا من تكبر على الناس فقد توعده الله بالذلّ والهوان في الدنيا والآخرة؛ لأن الله - عز وجل - ((العزُّ إزاره، والكبرياءُ رداؤه فمن ينازعه ذلك عذّبه)) (٥).

وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كانت ناقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - تُسمّى العضباء وكانت لا تُسْبَقُ، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها، فاشتدّ ذلك على المسلمين وقالوا: سُبِقَتِ العضباء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن حقاً على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه)) (٦).

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الأسوة الحسنة للدعاة فقد كان متواضعاً في دعوته للناس، فعن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فكلّمه


(١) سورة الفرقان، الآية: ٦٣.
(٢) انظر: مدارج السالكين، ٢/ ٣٢٧.
(٣) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب العفو والتواضع، برقم ٢٥٨٨.
(٤) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٦/ ١٤٢.
(٥) مسلم كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكبر، برقم ٢٦٢٠،ولفظه: ((فمن ينازعني عذبته)).
(٦) البخاري، كتاب الرقائق، باب التواضع، برقم ٦٥٠١.

<<  <   >  >>