للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إسرائيل أجساداً، وأقلّ منهم قوةً، والعادة أن ما عجز عنه القوي فالضعيف من باب أولى (١).

فالداعية بتجاربه بالسفر، ومعاشرته الجماهير، وتعرفه على عوائد الناس وعقائدهم، وأوضاعهم، ومشكلاتهم، واختلاف طبائعهم وقدراتهم، سيكون له الأثر الكبير في نجاح دعوته وابتعاده عن الوقوع في الخطأ؛ لأنه إذا وقع في خطأ في منهجه في الدعوة إلى الله، أو أموره الأخرى لا يقع فيه مرة أخرى، وإذا خُدع مرة لم يخدع مرة أخرى، بل يستفيد من تجاربه وخبراته؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُلدغ المؤمن من جحرٍ واحدٍ مرتين)) (٢)، وقال: ((كلّكم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون)) (٣).

وإذا أراد الداعية أن يكتسب الحكمة من التجارب، فلابد له - لإصلاح المتديِّنين وتوجيههم - أن يعيش معهم في مساجدهم، ومجتمعاتهم، ومجالسهم، وإذا أراد إصلاح الفلاحين والعمال عاش

معهم في قراهم ومصانعهم، وإذا أراد أن يصلح المعاملات التجارية بين الناس، فعليه أن يختلط بهم في أسواقهم، ومتاجرهم، وأنديتهم، ومجالسهم، وإذا أراد أن يصلح الأوضاع السياسية، فعليه أن يختلط بالسِّياسيين، ويتعرَّف إلى تنظيماتهم، ويستمع لخطبهم، ويقرأ لهم


(١) انظر: حاشية السندي على سنن النسائي، ١/ ٢٢٠، وفتح الباري، ١/ ٤٦٣.
(٢) البخاري، كتاب الأدب، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، برقم ٥٧٨٢، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، برقم ٢٩٩٨.
(٣) الترمذي، كتاب صفة القيامة، باب حدثنا هناد، برقم ٢٤٩٩،وابن ماجه في الزهد، باب ذكر التوبة، برقم ٤٢٥١، والدارمي في الرقائق، باب التوبة، ٢/ ٢١٣، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي،٢/ ٣٠٥.

<<  <   >  >>