للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الثاني والعشرون: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما]

١٠٢ - ١ - من حج البيت الحرام، أو اعتمر فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ (١)، وَلَمْ يَفْسُقْ (٢)، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" (٣)، وفي لفظ مسلم:"مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ،


(١) فلم يرفث: قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "إنما الرفث ما روجع به النساء»، كأنه يرى الرفث الذي نهى اللَّه عنه ما خوطبت به المرأة، فأما ما يقوله ولم تسمعه امرأة فغير داخل فيه. وقال الأزهريُّ: "الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة». [النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، ٢/ ٢٤١].
وقال الإمام ابن كثير - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: (فلا رفث): أي من أحرم بالحج أو العمرة فليجتنب الرفث، وهو الجماع، كما قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧]، وكذلك يحرم تعاطي دواعيه: من المباشرة، والتقبيل، ونحو ذلك، وكذلك التكلم به بحضرة النساء» [تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ٢/ ٢٤٢].
(٢) ولم يفسق: أصل الفسوق الخروج عن الاستقامة، والجور، وبه سُمِّيَ العاصي فاسقاً. [النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، ٣/ ٤٤٦]، ولا شك أن الفسوق: هو جميع المعاصي كما قال اللَّه تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} [البقرة: ١٩٧]، فيدخل في الفسوق جميع المعاصي كما صوَّبه الإمام ابن كثير في تفسيره، ٢/ ٢٤٤، ومن ذلك الوقوع في محظورات الإحرام، والسباب، والشتم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر) [أخرجه البخاري برقم ٦٠٤٤، ومسلم، برقم ٦٣. وغير ذلك من أنواع المعاصي، وسمعت شيخنا ابن باز - رحمه الله - يقول أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ١٥٢١، والحديث رقم ١٨١٩: "يدخل في الفسق المعاصي التي قبل الحج، فإذا كان مُصِرَّاً عليها فهو فاسق»، "والرفث: الجماع ودواعيه».
(٣) متفق عليه: صحيح البخاري، كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة، برقم ١٥٢١، وكتاب المحصر، برقم ١٨١٩، ومسلم، كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة، برقم ١٣٥٠.

<<  <   >  >>