للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيما عندهم لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيكم، أبعد اللَّه من أبعد (١).

وهذا الموقف حكيم عظيم؛ لأن الداعية إلى اللَّه ينبغي أن يستغني عن الناس وعن أموالهم وصدقاتهم، وخاصة الأكابر والسلاطين، فلا يقف على أبوابهم ولا يسألهم، حتى يكون لدعوته ولعلمه الأثر في نفوسهم وفي نفوس غيرهم، ولهذا وجَّه الحسن القراء لذلك؛ لأن من استغنى باللَّه افتقر الناس إليه (٢).

[المطلب الثالث: من مواقف عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -]

يرى كثير من العلماء أن عمر بن عبد العزيز (٣) من المجددين على رأس المائة الأولى، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن اللَّه يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يُجدّد لها دينها)) (٤).


(١) انظر: حلية الأولياء، ٢/ ١٥٠، وسير أعلام النبلاء، ٤/ ٥٨٦.
(٢) انظر: حلية الأولياء، ٢/ ١٧٣، والبداية والنهاية، ٩/ ١٠٠.
(٣) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، وأمه أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ولد سنة ٦٣هـ، وقيل ٦١هـ، أرسله والده إلى المدينة يتفقه في الدين، فلما توفي والده أخذه عمه عبد الملك بن مروان، وزوجه بنته فاطمة، وعندما ولي الوليد بن عبد الملك ولاه المدينة ومكة والطائف من سنة ٨٦هـ إلى ٩٣هـ، ثم قدم الشام، وبقي فيها حتى ولي الخلافة في ١٠/ ٢/٩٩هـ، فأصلح الله به العباد والبلاد، ثم مات مسموماً في ٢٥/ ٧/١٠١هـ. انظر: البداية والنهاية، ٩/ ٩٢ - ٩٦، وسير أعلام النبلاء، ٥/ ١٢٢.
(٤) رواه أبو داود، كتاب الملاحم، باب ما يذكر في قرن المائة، ٤/ ١٠٩، (رقم ٤٢٩١)، والحاكم، ٤/ ٥٢٢، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، ٢/ ١٥٠، برقم ٥٩٩.

<<  <   >  >>