للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصلاة، والحجاج ما زال ينازعه رداءه حتى قضى سعيد ذكره، ثم أقبل عليه يؤنبه ويؤدبه بالكلام، فلم يقل له الحجاج شيئاً حتى صار نائباً على الحجاز، وعندما أتى المدينة نائباً عليها، فلما دخل المسجد قصد مجلس سعيد بن المسيب حتى جلس بين يديه، فقال له: أنت صاحب الكلمات؟ فضرب سعيد صدره بيده وقال: نعم. قال: فجزاك اللَّه من معلم ومؤدب خيراً، ما صليت بعدك صلاة إلا وأنا أذكر قولك، ثم قام ومضى (١).

٢ – قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك ولا يحركك ولا يؤذيك؟ قال: واللَّه ما أدري، إلا أنه دخل ذات يوم مع أبيه المسجد فصلى صلاة لا يتم ركوعها ولا سجودها، فأخذت كفًّا من حصى فحصبته بها. قال الحجاج: فما زلت أحسن الصلاة (٢).

وهذا من أعظم المواقف الحكيمة لسعيد بن المسيب ‘، فإن الحكمة وضع كل شيء في موضعه، وقد تنفع الشدة والقوة إذا كانت الحكمة تقتضي ذلك، فسعيد رأى أن من الحكمة استخدام هذا الأسلوب مع الحجاج؛ ليحسن صلاته، فنفع اللَّه بذلك الحجاج كما ذكر هو عن نفسه، وأنه ما زال يحسن الصلاة بعد ذلك، فرحم اللَّه سعيد بن المسيب، وجزاه خير الجزاء.


(١) انظر: البداية والنهاية، ٩/ ١١٩، وسير أعلام النبلاء للذهبي، ٤/ ٢٢٦.
(٢) انظر: الطبقات لابن سعد، ٥/ ١٢٩، وحلية الأولياء لأبي نعيم، ٢/ ١٦٥، وسير أعلام النبلاء، ٤/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>