للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صبأ، فقال عمر وهو واقف خلفه: كذب، ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمداً عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فثار عليه قريش من أنديتهم حول الكعبة، وقاتلهم وقاتلوه، واستمر القتال بينهم وبينه في هذا الموقف حتى قامت الشمس على رؤوسهم، وقد تعب عمر - رضي الله عنه - فقعد وقاموا على رأسه، وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم، فأحلف باللَّه أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لتركناها لكم، أو لتركتموها لنا، وبينما هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلّة حبرة، وقميص مُوشّح، حتى وقف عليهم، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صبأ عمر، فقال: فمه، رجل اختار لنفسه أمراً فماذا تريدون؟ أترون بني عديّ بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا؟ خلُّوا عن الرجل! قال عبد اللَّه بن عمر: فواللَّه لكأنما كانوا ثوباً كشط عنه، قال: فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة: يا أبت من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك، -جزاه اللَّه خيرا؟ - قال: يا بُنيَّ ذلك العاص بن وائل – لا جزاه اللَّه خيراً – (١).

وبإسلام عمر وإظهاره إسلامه - رضي الله عنه - أعز اللَّه به الإسلام، وفرّق به


(١) انظر: سيرة ابن هشام، ١/ ٣٧٠، والبداية والنهاية لابن كثير، وقال: هذا إسناد جيد قوي، ٣/ ٨٢، وانظر بعض القصة في البخاري مع الفتح، ٧/ ١٧٧، وانظر: قصة إسلام عمر في البداية والنهاية ٣/ ٧٩ - ٨١، وسيرة ابن هشام، ١/ ٣٦٤ - ٣٧١، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، ١٠٩ - ١١٥، وفتح الباري، ٧/ ٤٨، ومناقب عمر لابن الجوزي، ص١٢ - ١٨، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، ٣/ ١٢١ - ١٢٥.

<<  <   >  >>