للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرَّم [الله] عليه)) (١).

وعن جابر بن عتيك مرفوعاً: ((إن من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يُبغض الله، ومن الخيلاء ما يحب الله، ومنها ما يُبغض الله، فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في ريبة، وأما التي يُبغض الله فالغيرة في غير الريبة، والاختيال الذي يحب الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة، والاختيال الذي يبغض الله - عز وجل - الخيلاء في الباطل)) (٢)، والمقصود بالغيرة في الريبة: الغيرة في مواضع التهمة والتردّد، فتظهر فائدتها، وهي الرهبة والانزجار، وإن كانت الغيرة بدون ريبة فإنها تورث البغض والفتن (٣)، والاختيال في الصدقة أن يكون سخياً، فيعطي طيبة بها نفسه، فلا يستكثر كثيراً، ولا يعطي منها شيئاً إلا وهو مستقلّ، وأما الحرب: فأن يتقدم فيها بنشاط وقوة وعدم جبن (٤).

والمقصود أن المعاصي كلما اشتدّت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه، وأهله، وعموم الناس، وقد تضعف في القلب جداً حتى لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه، ولا من غيره، وإذا وصل


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب النكاح، باب الغيرة، ٦/ ١٩٦، برقم ٥٢٢٣، ومسلم، كتاب التوبة، باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش، ٤/ ٢١١٤، برقم ٢٧٦١، واللفظ له، وما بين المعقوفين من صحيح البخاري.
(٢) النسائي، كتاب الزكاة، باب الاختيال في الصدقة، ٥/ ٧٨، برقم ٢٥٥٨، وأحمد في المسند،
٥/ ٤٤٥، وله شاهد عند ابن ماجه، برقم ١٩٩٦، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والحديث حسنه الألباني بطرقه في إرواء الغليل، ٧/ ٥٨، برقم ١٩٩٩.
(٣) انظر: حاشية السندي على سنن النسائي، ٥/ ٧٩.
(٤) انظر: شرح السيوطي على سنن النسائي، ٥/ ٧٩.

<<  <   >  >>