للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها؟

ومن المعلوم قطعًا أنه لا يستطيع فرد من أفراد العباد أن يُحصي

ما أنعم الله به عليه في خلق عضو من أعضائه، أو حاسّة من حواسّه، فكيف بما عدا ذلك من النعم في جميع ما خلقه في بدنه، وكيف بما عدا ذلك من النعم الواصلة إليه في كل وقت على تنوّعها واختلاف أجناسها؟ (١).

ولا يسع العاقل بعد ذلك إلا أن يعبد الله الذي أسدى لعباده هذه النعم ولا يشرك به شيئًا؛ لأنه المستحق للعبادة وحده سبحانه.

[* المسلك الخامس: أسباب ووسائل الشرك]

حذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كل ما يوصل إلى الشرك ويسبب وقوعه، وبيّن ذلك بيانًا واضحًا، ومن ذلك على سبيل الإيجاز ما يأتي:

أولاً: الغلو في الصالحين هو سبب الشرك بالله تعالى، فقد كان الناس منذ أُهبِطَ آدم - صلى الله عليه وسلم - إلى الأرض على الإسلام، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام)) (٢).

وبعد ذلك تعلّق الناس بالصالحين، ودبّ الشرك في الأرض، فبعث الله نوحًا - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى عبادة الله وحده، وينهى عن عبادة ما سواه (٣)، وردّ


(١) انظر: فتح القدير، ٣/ ١٥٤، ٣/ ١١٠، وأضواء البيان، ٣/ ٢٥٣.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التاريخ، ٢/ ٥٤٦، وقال: ((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية، ١/ ١٠١، وعزاه إلى البخاري، وانظر: فتح الباري، ٦/ ٣٧٢.
(٣) انظر: البداية والنهاية لابن كثير، ١/ ١٠٦.

<<  <   >  >>