للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتُجادلوا به العلماء، ولتصرفوا به وجوه الناس إليكم، وابتغوا بقولكم

ما عند الله؛ فإنه يدوم ويبقى، وينفد ما سواه)) (١).

ولهذا تَكَفَّل الله بالسعادة لمن عمل لله، فعن أنس يرفعه: ((من كانت الآخرة همّهُ جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرَّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّرَ له)) (٢).

[* المسلك الثاني: أنواع العمل للدنيا]

العمل للدنيا أنواع متعددة، وقد ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى أنه جاء عن السلف في ذلك أربعة أنواع:

النوع الأول: العمل الصالح الذي يفعله كثير من الناس ابتغاء وجه الله تعالى: من صدقةٍ، وصلاةٍ، وإحسانٍ إلى الناس، وردِّ ظلم، ونحو ذلك مما يفعله الإنسان، أو يتركه خالصًا لله تعالى؛ لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة، وإنما يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله، وتنميته، أو حفظه أهله وعياله، أو إدامة النعم عليه وعليهم، ولا همّةَ له في طلب الجنة والهرب من النار، فهذا يُعطى ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة من


(١) الدرامي، ١/ ٧٠ موقوفًا، وابن ماجه عن أبي هريرة، في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، ١/ ٩٦، برقم ٢٦٠، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، ١/ ٤٨، وصحيح الترغيب والترهيب، ١/ ٤٨.
(٢) الترمذي، كتاب صفة القيامة، بابٌ: حدثنا قتيبة، ٤/ ٦٤٢، برقم ٢٤٦٥، وابن ماجه بنحوه من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، كتاب الزهد، ٢/ ١٣٧٥، برقم ٤١٠٥، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٥/ ٣٥١، والأحاديث الصحيحة، ٩٥٠.

<<  <   >  >>