للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فأخلصت أربعين يومًا، فلم يتفجَّر شيء، فذكرت ذلك لبعض العارفين، فقال لي: إنك أخلصت للحكمة، لم تُخلص لله)) (١)، وذلك أن الإنسان قد يكون مقصوده نيل الحلم والحكمة، أو نيل تعظيم الناس له ومدحهم له، أو غير ذلك من المطالب. وهذا لم يحصل بالإخلاص لله وإرادة وجهه؛ وإنما حصل هذا العمل لنيل ذلك المطلوب.

[* المسلك الخامس: أقسام الرياء وأثره على العمل]

الرياء أعاذنا الله منه أقسام ودركات، ينبغي لكل مسلم أن يعرف هذه الأقسام؛ ليهرب منها وهي على النحو الآتي:

أولاً: أن يكون العمل رياء محضًا، ولا يُراد به إلا مراءاة المخلوقين، كحال المنافقين: {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً} (٢)، وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمنٍ في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة أو الحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة، وهذا العمل لا شك في بطلانه، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة، والعياذ بالله.

ثانياً: أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء من أصله - أي من أوّله إلى آخره - فالنصوص الصحيحة تدل على بُطلانه وحُبوطه أيضًا.

ثالثاً: أن يكون أصل العمل لله، ثم طرأت عليه نية الرياء أثناء


(١) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية، ٦/ ٦٦، ومنهاج القاصدين، ص٢١٤ - ٢٢١، والإخلاص للعوايشة، ص٢٤، والإخلاص والشرك الأصغر للدكتور عبد العزيز بن عبداللطيف، ص٩، والرياء لسليم الهلالي، ص١٧.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٤٢.

<<  <   >  >>