للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهم من كل جهة، فهم بمنزلة الأنعام، بل هم أضل سبيلاً، فأعمالهم التي عملوها على غير بصيرة، كظلمات: ظلمة الجهل، وظلمة الكفر، وظلمة الظلم واتباع الهوى، وظلمة الشك والريب، وظلمة الإعراض عن الحق؛ فإن المعرض عما بعث الله تعالى به محمداً - صلى الله عليه وسلم - من الهدى ودين الحق يتقلّب في خمس ظلمات: قوله ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظلمة: فقلبه مظلم، ووجهه مظلم، وكلامه مظلم، وحاله مظلم (١).

ثم ذكر رحمه الله أن شيخه ابن تيمية قال: الناس في الهدى الذي بعث الله تعالى به رسوله - صلى الله عليه وسلم - أربعة أقسام:

* القسم الأول: قبلوه ظاهراً وباطناً، وهم نوعان:

- النوع الأول: أهل الفقه فيه، والفهم، والتعليم، وهم الأئمة الذين عقلوا عن الله تعالى كتابه، وفهموا مراده، وبلّغوه إلى الأمة، واستنبطوا أسراره، وكنوزه، فهؤلاء كمثل الأرض الطيبة التي قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، فرعى الناس فيه ورعت أنعامهم، وأخذوا من ذلك الكلأ الغذاء والقوت، والدواء، وسائر ما يصلح لهم.

- النوع الثاني: حفظوه، وضبطوه وبلّغوا ألفاظه إلى الأمة، فحفظوا عليهم النصوص، وليسوا من أهل الاستنباط والفقه في مراد الشارع، فهم أهل حفظ وضبط، وأداء لِمَا سمعوه، وهؤلاء بمنزلة الأرض التي أمسكت الماء للناس، فوردوه، وشربوا منه، وسقوا منه أنعامهم، وزرعوا به.


(١) انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية على المعطلة والجهمية، ٢/ ٥٣ - ٥٨.

<<  <   >  >>