للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى لا تقتضي أن يجعل المتقين القانتين لربهم المنقادين لأوامره، المتبعين مراضيه كالمجرمين الذين وقعوا في معاصيه والكفر بآياته، ومن ظن أنه تعالى يسوِّي بين هؤلاء في الدنيا والآخرة فقد أساء الحكم وحكمه باطل ورأيه فاسد؛ فإن الحكم الواقع القطعي أن المؤمنين المتقين لهم النصر، والفلاح، والسعادة في العاجل والآجل كلٌّ على قدر عمله، وأن المجرمين المسيئين لهم الغضب والإهانة، والعذاب، والشقاء في الدنيا والآخرة (١).

الرابع والعشرون: التقوى سبب لتعظيم شعائر الله؛ لأن شعائر الله أعلام الدين الظاهرة، وتعظيمها إجلالها، والقيام بها، وتكميلها على أكمل ما يقدر عليه العبد، وهذا التعظيم صادر من تقوى القلوب، فالمعظِّم لها يبرهن على تقواه، وصحة إيمانه؛ لأن تعظيمها تابع لتعظيم الله، وإجلاله (٢)،قال الله - عز وجل -: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (٣).

الخامس والعشرون: التقوى تصلح بها الأعمال وتُقبل، قال الله - عز وجل -:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (٤)، فأمر سبحانه بالتقوى في السر والعلانية، وخصّ منها القول السديد، وهذا القول الموافق للصواب أو المقارب له عند تعذّر اليقين: من قراءة، وذكرٍ، وأمرٍ بالمعروف، ونهي عن المنكر، وتعلّم العلم وتعليمه، والحرص على


(١) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٧٢٢، ٨١٥.
(٢) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٤٨٧.
(٣) سورة الحج، الآية: ٣٢.
(٤) سورة الأحزاب، الآيتان: ٧٠ - ٧١.

<<  <   >  >>