للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ذكره، وضيَّقه عن استماع الحق، واتّباع الهدى، والعمل بالصواب، فهو لا يلين لكتاب الله، ولا يتذكر آياته، ولا يطمئن بذكره؛ بل هو معرض عن ربه ملتفت إلى غيره، فهذا له الويل الشديد، والشر الكبير (١)، قال الله - عز وجل -: {فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ الله الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} (٢).

١٧ - وقال الله - عز وجل -: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ الله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى الله تَصِيرُ الأمُورُ} (٣).

كما كان الله - عز وجل - يوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كذلك أوحى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - هذا القرآن العظيم، وسمّاه روحاً؛ لأن الروح يُحْيى به الجسد، والقرآن تَحْيا به القلوب والأرواح، وتحيا به مصالح الدنيا والدين؛ لِمَا فيه من الخير الكثير والعلم الغزير، وما كان محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل نزول القرآن يدري ما شرائع الإيمان ومعالمه على التفصيل الذي شرع له في القرآن، ولكن جعل الله القرآن نوراً يرشد به، ويهدي من يشاء من


(١) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ٢١/ ٢٧٧، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ١٥/ ٢٣٦، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ٤/ ٥١، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٦٦٨.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٢٥.
(٣) سورة الشورى، الآيتان: ٥٢ - ٥٣.

<<  <   >  >>