للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - يألف المعصية، فينسلخ من القلب استقباحها فتصير له عادة، فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له، ولا كلامهم فيه، وهذا عند أصحاب الفسوق هو غاية التهتّك، وتمام الّلذة حتى يفتخر أحدهم بالمعصية، ويحدِّث بها من لم يعلم أنه علمها، وهذا الضرب من الناس لا يعافون ويُسدّ عليهم طريق التوبة، وتُغلق عنهم أبوابها في الغالب، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كلُّ أمتي معافىً إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه)) (١).

٨ - هوان المعاصي على المصرّين عليها، فلا يزال العبد يرتكب المعاصي حتى تهون عليه، وتصغر في قلبه وعينه، وذلك علامة الهلاك؛ لأن الذنب كلما صغر في قلب العبد وعينه عَظُم عند الله؛ ولهذا قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: ((إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مَرّ على أنفه فقال به هكذا)) (٢).

فالمؤمن قلبه فيه نور، فهو على يقين من الذنب الصغير، وليس على يقين من المغفرة، فيخاف الذنب الصغير أن يهلكه كالجبل، والفاجر قليل المعرفة بالله، ولذلك قلّ خوفه من الله، واستهان بالمعصية (٣).


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب ستر المؤمن على نفسه،٧/ ١١٧،برقم ٦٠٦٩،ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه، ٤/ ٢٢٩١، برقم ٢٩٩٠.
(٢) البخاري في صحيحه، ٧/ ١٨٨، برقم ٦٣٠٨، وتقدم تخريجه.
(٣) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ١١/ ١٠٥.

<<  <   >  >>