للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل أفسد الدِّينَ إلا الملوكُ ... وأحبارُ سوءٍ ورهبانُها (١)

١٠ - تُفسد العقل وتُؤثر فيه؛ فإن للعقل نوراً، والمعصية تُطفئ نور العقل، فإذا طفئ نورُه ضعف ونقص، وغاب، وما عصى الله أحد حتى يغيب عقله؛ لأن واعظ القرآن ينهاه، وواعظ الإيمان ينهاه، وواعظ الموت ينهاه، وواعظ النار ينهاه، والذي يفوته بالمعصية من خير الدنيا والآخرة أضعاف أضعاف ما يحصل له من السرور واللذة بها، فهل يقدم على الاستهانة بذلك كله ذو عقل سليم؟

ولا شك أن المعصية إن لم تُفسد العقل فهي تُنقص من كماله، فلا تجد عاقلين أحدهما مطيع لله والآخر عاصٍ إلا وعقل المطيع منهما أوفر وأكمل، وفكره أصحّ، ورأيه أسدّ، والصواب قرينه (٢).

١١ - تطبع على القلب، فإذا تكاثرت طبعت على قلب صاحبها فكان من الغافلين؛ لأن القلب يصدأ من المعصية، فإذا ازدادت غلب الصدأ حتى يصير راناً، ثم يغلب حتى يصير طبعاً وختماً، وقفلاً، فيصير في غشاوة وغلاف (٣)، قال الله - عز وجل -: {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (٤).

١٢ - الذنوب تطفئ غيرة القلب؛ فإنّ أشرف الناس وأعلاهم همّةً


(١) المرجع السابق، ص١١٤.
(٢) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم، ص١١٤.
(٣) انظر: المرجع السابق، ص١٥٣.
(٤) سورة المطففين، الآية: ١٤.

<<  <   >  >>