للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقوله: ((جالس العلماء وزاحمهم بالركب)) عبارة عن مزيد القرب منهم، وقوله: ((فإن الله يحيي الأرض بنور الحكمة)) هي تحقيق العلم وإتقان العمل، والإصابة في القول والفعل، وهي العلم المشتمل على الفقه في الدين، والمعرفة بالله مع نفاذ البصيرة، وتحقيق الحق للعمل، والكف عن الباطل (١).

فالله سبحانه يحيي القلوب بذلك كما يحيي الأرض بالمطر، وهذا يؤكد على فضل العلم النافع والعمل الصالح؛ ولهذا الفضل قال محمد بن سيرين رحمه الله: ((إن قوماً تركوا طلب العلم، ومجالسة العلماء، وأخذوا في الصلاة، والصيام حتى يبس جلدُ أحدهم على عظمه، ثم خالفوا السنة فهلكوا، وسفكوا دماء المسلمين، فوالذي لا إله غيره ما عمل أحد عملاً على جهل إلا كان يفسد أكثر مما يصلح)) (٢).

١٨ - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((تُعرَض الفتن على القلوب كالحصير عُوداً عُوداً، فأيُّ قلب أُشربها نُكت فيه نكتٌ سوداءٌ، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتةٌ بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا لا تضّرهُ فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسودُ مربادّاً كالكُوز مجخيّاً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرِب من هواه)) (٣).


(١) انظر: شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك،٤/ ٥٥٣،والحكمة في الدعوة إلى الله - عز وجل -،لسعيد بن علي بن وهف القحطاني، ص٢٧.
(٢) أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار بسنده، ٢٧/ ٤٣٤، برقم ٤١٧٧٩.
(٣) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً،١/ ١٢٨،برقم ١٤٤.

<<  <   >  >>