للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: توديعه للأحياء والأموات]

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كلما كان ليلتها من رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: ((السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين, وآتاكم ما توعدون, غداً مؤجلون، وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون, اللَّهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)) (١)، وفي رواية أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن جبريل أتاني .. فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع، فتستغفر لهم) قالت عائشة: يا رسول اللَّه, كيف أقول لهم؟ قال: ((قولي: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم اللَّه المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون)) (٢).

وقد ذكر الإمام الأبي رحمه اللَّه تعالى أن خروجه هذا كان في آخر عمره - صلى الله عليه وسلم - (٣)، وهذا -واللَّه أعلم- يدل على توديعه للأموات، كما فعل مع شهداء أحد؛ ولهذا -واللَّه أعلم- كان يخرج في الليل، ويقف في البقيع يدعو لهم، كما قالت عائشة - رضي الله عنها -: ((ثم انطلقت على إثره، حتى جاء البقيع فقام، فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات


(١) البقيع: هو مدفن أهل المدينة, وسمي بقيع الغرقد, لغرقد كان فيه, وهو ما عظم من العوسج. انظر: شرح النووي، ٧/ ٤٦, وشرح الأبي على مسلم، ٣/ ٣٩٠.
(٢) أخرجه مسلم، برقم ٩٧٤.
(٣) انظر: شرح الأبي على صحيح مسلم، ٣/ ٣٨٨, وفتح الباري، ٧/ ٣٤٩.

<<  <   >  >>