للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم انحرف ... )) (١).

وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوماً فصلى على قتلى أُحد صلاة الميت (٢) بعد ثماني سنين، كالمودع للأحياء والأموات، ثم طلع على المنبر، فقال: ((إني بين أيديكم فرط لكم, وأنا شهيد عليكم, وإن موعدكم الحوض, وإني واللَّه لأنظر إلى حوضي الآن مقامي هذا, وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض, أو مفاتيح الأرض، وإني واللَّه ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي (٣) , ولكني أخاف عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها، [وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم]، قال عقبة: فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -[على المنبر])) (٤).

فتوديعه - صلى الله عليه وسلم - للأحياء ظاهر؛ لأن سياق الأحاديث يُشعر أن ذلك كان آخر حياته - صلى الله عليه وسلم - , وأما توديعه للأموات، فباستغفاره لأهل البقيع،


(١) مسلم، برقم ٩٧٤.
(٢) الأحاديث الصحيحة، دلت أن شهداء المعركة لا يصلى عليهم, أما هذا الحديث فكأنه - صلى الله عليه وسلم - دعا لهم واستغفر لهم حين علم قرب أجله مودعاً لهم بذلك, كما ودع أهل البقيع بالاستغفار لهم، انظر: فتح الباري، ٣/ ٢١٠، و٧/ ٣٤٩، ورجح ذلك العلامة ابن باز في تعليقه على فتح الباري، ٦/ ٦١١.
(٣) أي: لا أخاف على مجموعكم؛ لأن الشرك قد وقع من بعض أمته بعده - صلى الله عليه وسلم -. فتح الباري، ٣/ ٢١١.
(٤) البخاري، والألفاظ مجموعة من جميع المواضع, برقم ١٣٤٤, و٣٥٩٦, و٤٠٤٢, و٤٠٨٥، و٦٤٢٦, و٦٥٩٠، ومسلم، برقم ٢٢٩٦, وما بين المعقوفين من صحيح مسلم.

<<  <   >  >>