للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجد من نفسه خِفَّة فخرج بين رجلين - أحدهما العباس (١) - لصلاة الظهر، وأبو بكر يصلي بالناس, فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر, فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يتأخر, وقال لهما: ((أجلساني إلى جنبه))، فأجلساه إلى جنب أبي بكر, فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم يأتم بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي - صلى الله عليه وسلم - قاعد)) (٢)، وهذا صريح في أن هذه الصلاة هي صلاة الظهر (٣)، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - حريصاً على أن يكون أبو بكر هو الإمام، وردد الأمر بذلك مراراً, فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما ثَقُل

رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - جاء بلال يؤذنه بالصلاة, فقال: ((مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس) فقلت: يا رسول اللَّه


(١) والآخر علي - رضي الله عنه - كما تقدم.
(٢) البخاري، برقم ٦٨٧، ومسلم، برقم ٤١٨ وقد اخترت بعض الألفاظ من البخاري، وبعضها من مسلم.
(٣) وزعم بعضهم أنها الصبح, واستدل برواية أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس: ((وأخذ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - القراءة من حيث بلغ أبو بكر, وهذا لفظ ابن ماجه، وإسناده حسن؛ لكن في الاستدلال به نظر؛ لاحتمال أن يكون - صلى الله عليه وسلم - سمع لما قرب من أبي بكر الآية التي انتهى إليها أبو بكر خاصة, وقد كان هو يسمع الآية أحياناً في الصلاة السرية، كما في حديث أبي قتادة, ثم لو سلم لم يكن فيه دليل على أنها الصبح، بل يحتمل أن تكون المغرب، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أم الفضل قالت: <سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفاً, ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه اللَّه"، البخاري، برقم ٧٦٣، و٤٤٢٩, ومسلم، برقم ٤٦٢، قال ابن حجر: لكن وجدت في النسائي أن هذه الصلاة التي ذكرتها أم الفضل كانت في بيته، وقد صرح الشافعي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلِّ بالناس في مرض موته في المسجد إلا مرة واحدة، وهي هذه التي صلى فيها قاعداً، وكان أبو بكر فيها أولاً إماماً، ثم صار مأموماً، يسمع الناس التكبير. انظر: الفتح، ٢/ ١٧٥.

<<  <   >  >>