للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ، قَالَ: فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (١).

انظر يا عبد اللَّه، وتأمّل في شأنهما: يقومان بأجلّ الأعمال وأرفعها بإذنٍ من ربهما تعالى، وهما يسألان {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا}، فتأمّل كيف كان حالهما من الخوف والرجاء ألاّ يتقبل عملهما، فإذا كان هذا حال إمام الحنفاء، وقدوة الموحدين، فكيف بحالنا وتقصيرنا؟.

فعن وهيب بن الورد أنه قرأ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا}، ثم يبكي ويقول: يا خليل الرحمن، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يتقبل منك؟)) (٢). وهذا كما حكى اللَّه تعالى عن حال المؤمنينَ الخُلَّص في قوله تعالى: {وَالَّذينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} (٣)، أي يعطون ما أعطوا من الصدقات والنفقات والقربات: {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (٤)، أي: خائفة ألاّ يتقبل منهم، كما جاء في الحديث أن عائشة رَضْيَ اللَّهُ عنْهَا سألت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: ((أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ، وَيُصَلُّونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، {أُولَئِكَ الَّذِينَ


(١) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (يزفّون)، ٤/ ١٤٥، برقم ٣٣٦٥.
(٢) تفسير ابن كثير، ١/ ٢٥٤.
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ٦٠.
(٤) سورة المؤمنون، الآية: ٦٠.

<<  <   >  >>