للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: {رَبِّ اغْفِرْ لِي}: أي استر عليَّ ذنوبي، وتجاوز عنها: قالها هضماً لنفسه، وتعليماً لمن بعده، {وَلِوَالِدَيَّ}: خصّهما لعظم فضلهما عليه، فكان أولى وأوجب، وأحب له في ذكرهما بدعائه قبل غيرهما.

{وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًاَ}: منزلي من المصدقين الموحدين، فإن في صحبتهم السلامة، والثبات على الدين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا، وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ)) (١)، وتقييده (مؤمناً)، هذا القيد الواجب في الدعاء، أما الكافر فلاحظ له في طلب المغفرة له، قال تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (٢)، والدعاء للكافرين بالهداية، والتوفيق للإيمان والإسلام جائز؛ لذا بوّب البخاري رحمه اللَّه في صحيحه: ((باب الدعاء

للمشركين بالهدى ليتألفهم)) (٣)، فبعد أن ((خصّ أولاً من يتصل به نسباً وديناً؛ لأنهم أولى وأحق بدعائه، ثم عمّ المؤمنين


(١) أبو داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، برقم ٤٨٣٤، الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في صحبة المؤمن، برقم ٢٣٩٥، والإمام أحمد، ١٧/ ٤٣٧، برقم ١١٣٣٧، وابن حبان، ٢/ ٣١٤، والحاكم، ٤/ ١٢٨، وصححه، والبيهقي في شعب الإيمان،
١٢/ ١٦، وفي الآداب له، برقم ٢٣٥، والطبراني في الأوسط، ٣/ ٢٧٧، والطيالسي،
٣/ ٦٦٤، والديلمي في الفردوس، ٢/ ٥٩، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ٣/ ٩٥، برقم ٣٠٣٦.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١١٣.
(٣) البخاري، كتاب الجهاد، باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألّفهم، قبل الحديث رقم ٢٩٣٧.

<<  <   >  >>