للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من يلوذون ويعوذون به سواه، وهذا فيه كمال التذلّل والخضوع والاعتراف بالعبودية للَّه تعالى؛ لأنه لم يكتف بقوله: ((إني عبدك)) بل زاد فيه ((ابن عبدك ابن أمتك)) دلالة على التأكيد والمبالغة في التذلّل، والعبودية للَّه تعالى؛ لأن من ملك رجلاً ليس مثل من ملكه مع أبويه)) (١).

وهذا يدلنا على أهمية الأدعية الشرعية لكمالها في ألفاظها ومعانيها، وجلال مقاصدها ومدلولاتها.

قوله: ((ناصيتي بيدك)): ((أي مقدمة الرأس بيد اللَّه تعالى، يتصرّف فيه كيف يشاء، ويحكم فيه بما يريد، لا معقب لحكمه، ولا رادّ لقضائه)) (٢).

قوله: ((ماض فيَّ حكمك)): يتناول الحكمين: الحكم الديني

الشرعي، والحكم القدري الكوني، فكلاهما ماضيان في العبد شاء أم أبى، لكن الحكم الكوني لا يمكن مخالفته، وأما الحكم الشرعي ((الأوامر والمنهيات)) فقد يخالفه العبد، ويكون متعرضاً للعقوبة.

قوله: ((عدلٌ فيَّ قضاؤك)): إقرارٌ من العبد بأن ((جميع أقضيته - سبحانه وتعالى - عليه، من كل الوجوه: من صحة وسقم، وغنى وفقر، ولذة وألم، وحياة وموت، وعقوبة وتجاوز، وغير ذلك عدلٌ لا جور فيه، ولا ظلم بأي وجهٍ من الوجوه. قال تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ


(١) العلم الهيب في شرح الكلم والطيب، ص ٣٤٣.
(٢) فقه الأدعية، ٤/ ١٩٢.

<<  <   >  >>