للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكمال قدرته، وبديع خلقه هو الذي يفتح هذا الحبّ والنوى اليابس الذي كالحجر لا ينمو ولا يزيد، فينفرج وتخرج منه الزروع العظيمة، والأشجار الكبيرة، وفي هذا آية باهرةٌ على كمال المبدع، وعظمة خالقه - سبحانه وتعالى - كما قال اللَّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} (١) (٢)، ((والتخصيص في ذكرهما إما لفضلهما، واحتياج كل الخلائق لهما، أو لكثرة وجودهما في ديار العرب)) (٣)، ولا شك أن كلا الأمرين متعين فيهما.

قوله: ((ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان)): فيه توسُّل إلى اللَّه - عز وجل - بإنزاله لهذه الكتب العظيمة المشتملة على هداية الناس، وفلاحهم، وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وخص هذه الكتب الثلاثة؛ لأنها أعظم كتب أنزلها اللَّه تعالى، وذكرها مرتبة ترتيباً زمنياً، ((والفرقان)) هو القرآن (٤)، وسُمِّي فرقاناً لأنه يفرق بين الحق والباطل، وفي هذا دلالة على أن هذه الكتب من كلام اللَّه، أي صفة من صفاته، وهي صفة الكلام العظيمة، وهي صفة ذات وفعل، ولهذا فرق جل وعلا في هذا الدعاء بينهما، ففي المخلوقات قال: ((رب)) و ((وفالق) وفي كلامه ووحيه قال: ((مُنزل))؛ لأن كلامه تعالى غير مخلوق.

ثم شرع بسؤال مطلوبه بعد ذكر هذه الوسائل العظيمة طمعاً في


(١) سورة الأنعام، الآية: ٩٥.
(٢) فقه الأدعية، ٤/ ٧٥، وانظر: تفسير الرازي، ١٣/ ٩٣، فله كلام نفيس جداً.
(٣) الفتوحات الربانية، ١/ ٧٢٨.
(٤) كما في رواية ابن ماجه: (والقرآن العظيم) ٣٨٣١.

<<  <   >  >>