للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القلب على إمضاء الأمر كما مر, أي أسألك أن ترزقنا من الأعمال والأقوال والأفعال التي تعزم، وتتأكد بها مغفرتك, وهذا الدعاء من جوامع الكلم النبوية, فإنه سأله أولاً أن يرزقه ما يوجب له رحمة اللَّه - عز وجل - , ومن فعل ما يوجب له الرحمة, فقد دخل بذلك تحت رحمته التي وسعت كل شيء, واندرج في سلك أهلها, وفي عداد مستحقها, ثم سأله أن يهب له عزماً على الخير يكون به مغفوراً له؛ فإن من غفر اللَّه تعالى له ذنوبه، وتفضّل عليه برحمته، فقد ظفر بخيري الدنيا والآخرة, واستحق العناية الربانية في محياه ومماته؛

لأنه قد صفا من كدورات الذنوب (١).

وهذان المطلبان قد تقدما كثيراً في أدعية القرآن، وكذلك السنة؛ لأن في المغفرة التخلية من كل الذنوب وتبعاتها, وهي التصفية، والتنقية من آثارها وشؤمها في الدنيا والآخرة, والرحمة تحلية، التي تتحصل بمقتضاها النعم, والآلاء, ومن أجلها النعيم المقيم، في جنات النعيم.

قوله: ((وأسألك شكر نعمتك)): أي أسألك التوفيق لشكر نعمك التي لا تُحصى؛ لأن شكر النعمة يوجب مزيدها، وحفظها، واستمرارها على العبد، كما قال اللَّه تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (٢)، والشكر يكون: بالقلب, واللسان, والأركان.

فالشكر بالقلب: ذكرها، وعدم نسيانها.


(١) تحفة الذاكرين، ٤٥٠ - ٤٥١.
(٢) سورة إبراهيم، الآية: ٧.

<<  <   >  >>