للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نجاح نبينا في دعوته، لنجعله قدوتنا فيما يقوم به من دعوة إلى الله فيقول: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} يدلنا على الطريق إلى بلوغ هذا المقام الأسنى إذ يقول: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، هكذا يجمل بالعاقل أن لا يقف في وجه التيار، إنما يجانبه ويدعه يمر بسلام، فلا يقابل السيئة بالسيئة شأن كلاب الهراش، وإنما الإنسان يحمل معنى إنسانيته في اسمه حتى لا يضل ولا ينسى، لذا يقول القائل: (من ذا يعض الكلب إن عضا؟) أي أنك إذا جاريت من جهل عليك فقد صرت مثله، أما إذا ترفعت عنه فقد كسبت الموقف وحفظت رأس المال بمحافظتك على إنسانيتك وبذلك ينقلب عدوك صديقك، وليس ذلك بالشيء اليسير، وهو ما عقب الله به على الآية السابقة إذ قال: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، والتعبير بإذا الفجائية يفيد السرعة ويشعر بكسب الموقف حالا، فليت الناس فهموا دعوة القرآن، أو على الأقل ليت كل إنسان يشعر في مثل هذا الموقف بأنه إنسان، فلا يخرجه الغضب عن دائرة الإنسان إلى الحيوان.

ثم ما أغبى من يتقدم إلى الرئاسات ويتطلع إلى قيادة الحركات بوجه عابس وجبين مقطب وصدر ضيق حرج كأنما يصعد في السماء.

<<  <   >  >>