للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم موت، وإنما هي نقلة من محل إلى محل، والموت للعارفين واضحة للحق، وسبب للقاء وشيء يوصل الحبيب إلى المحبوب، وان المعرفة تنقلب في الآخرة مشاهدة، فمن زرع نواة أنبتت تمرا، ومن زرع نبقة انبتت شوكا.

وذكر معاوية الزواوي وهو من خدامه قال: جئت يوما لأراه، فلما وقفت عند باب الزاوية أصابتني هبة، وسمعت كلاما بداخلها ومذاكرة، فتأدبت ووقفت، ثم بعد ساعة سكنت الأصوات، فلما أردت الاستئذان عليه ناداني ادخل يا معاوية فمسست الباب فوجدته مفتوحا، فدخلت عليه وسلمت، ونظرت فلم أر أحد، فتعجبت من ذلك وجلست، فرأيت شيئا من خبز وتين، فنظر إلي وتبسم وقال لي: كل من هذا فإنه بقية قوم صالحين.

ومن المشهور عنه، إنه بات مع قوم من خواصه في موضع "بتازروت"، فعمل لهم ميعادا طيبا وأصاب القوم وجد وخشية، فلما مضى من الليل أكثره، نفذ الزيت من المصباح فطلبوا له دهنا فلم يجدوه، فقال لأبي زكرياء الكماد: اجعل في المصباح ماء، فصبه من الإبريق، فاتقد المصباح وأضاء إلى الصباح.

وذكر أبو يزيد محمد بن عنوان قال: ركبت يوما بغلا قاصدا لزيارة الشيخ أبي الفضل، وسرت إلى موضع فنزلت لقضاء الحاجة وكنت وحدي في أرض خالية، فتفلت البغل من يدي وتقطع رسنه ولجامه فهرب، واتبعته فزاد هربا إلى أن عييت وسئمت، فقلت: اللهم بحرمة سيدي أبي الفضل وببركاته يسر لي هذا الأمر، قال: فرأيت البغل على بعد مني قد وقف، ثم قلب رأسه إلي وأتى قاصدا نحوي، فأدركته وأخذته، فعلمت أن ذلك ببركاته.

<<  <   >  >>