للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يفد سبأ مال ولا ولد ... ومزقته يد التشتيت في الأثر

ولتفتكر في ملوك العرب من يمن ... ولتعتبر بملوك الصين من مضر

أفناهم الدهر أولاهم وآخرهم ... لم يبق منهم سوى الأسماء والسير

وكان يسلك في شعره على طريق حبيب بن أوس، وكان صاحبه أبو عبد الله الجزائري يسلك في شعره سلوك المتنبي، وكانا يتراسلان الأشعار يجاوب كل واحد منهما الآخر على طريقته، فكان الأستاذ رحمه الله ينحو نحو حبيب والأديب أبو عبد الله الجزائري ينحو نحو المتنبي، ولولا الإطالة لأتيت من شعر كل واحد منهما ما يستظرف معناه ويروق محياه.

وشهرته بالأديب سماه بذلك الشيخ أبو الحسن الحرالي، وذكر أن سبب هذه التسمية إنه جرى بين يدي الشيخ رضي الله عنه ذكر ما قاله الرجل "واترك الريحان برحمة الرحمن للعاشقين" وتكلم في معناه فقال بعض من حضر أشار إلى العذار لأن ولوع القائل كان به، قال فقلت إنما أشار إلى دوام العهد لأن الأزهار كلها تنقضي أزمانها والريحان يدوم عهده، فاستحسن ذلك الشيخ رحمه الله وقال أنت أديب، فجرى عليه اسم الأديب. وهو أكثر الناس شعرا، وقد شرع في تدوين شعره في عام ثلاثين وستمائة، وهو في كل عام يقول منه ما يكتب في ديوان، وعاش بعد شروعه في تدوين شعره ثلاثا وأربعين سنة، ولو تم له تدوينه لكان في مجلدات كثيرة، ولكن بأيدي الناس منه كثير، وتواشيحه حسنة جدا، وتوفي رحمه الله ببجاية عام ثلاثة وسبعين وستمائة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>