للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكيف يكون الأمر أن كنتها ... وكانتك تحقيقا فحلت لحالها

وكان رحمه الله ممن تخلى عن الدنيا وتركها، وكان صاحب كرامات، وكان مستجاب الدعوة.

سمعت عن الشيخ أبي الحسن الحرالي رضي الله عنه، إنه عين أصحابه بعده، فقيل إنه قال: أصحابي ثمانية وعشرون، منهم أربعة تستجاب دعوتهم، وعين من الأربعة الشيخ أبا زكرياء رضي الله عنه، وربما زاد الناقلون في العدد أو نقصوا منه، وروح المسألة أن الشيخ أبا زكرياء أحد الأربعة الذين تستجاب دعوتهم وسمعت أن منهم السيخ أبا محمد ابن عبد المسير الاطرابلسي رحمه الله. وكان في علم التصوف مقدما، وكانت له أخلاق حسنة، ومن فضائل وزهده، إنه عرض عليه في مدة الأمير أبي يحيى برد الله ضريحه، أن يجعل له مرتب من أعشار الديوان في كل شهر فامتنع من ذلك وقال: أن اسمي في ديوان الوجود المطلق فلا أجعله في لديوان المقيد، لأن الإطلاق أوسع من التقييد وهو في ديوان الحق فلا اجعله في ديوان الخلق.

ورأيت له تأليفا حسنا في "شرح أسماء الله الحسنى" وله في التصوف "تقاييد" كثيرة، وله نظم حسن وقطع مستحسنة كلها في المعاني الصوفية. وكنت في زمان الشباب نظمت القصيدة الصوفية الهمزية التي مطلعها.

واحيرة العشاق بالرقباء ... حرموا الوصول لطيبة الوسعاء

وهي نحو أربعين بيتا، فحملتها إليه، وأنشدتها بين يديه، ففرح بها غاية الفرح وجعل يدعو ويقول: بصرك الله لمعنيها وأطلعك على ما فيها، لأن الحال كان حال شبيبة، فاعتقد الشيخ رحمه الله أن ما أتيت به فيها إنما هو على

<<  <   >  >>