للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن مبارك بن فَضالة، عن يونس بن عبيد قال: " لا تجد من البر شيئًا واحدًا يتبعه البر كله غيرَ اللسان، فإنك تجد الرجل يكثر الصيام، ويفطر على الحرام، ويقوم الليل، ويشهد بالزور بالنهار "، وذكر أشياء نحو هذا " ولكن لا تجده لا يتكلم إلا بحق، فيخالف ذلك عمله أبدًا " (١).

[التاسع: كثرة ذكر الموت]

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: " أكثروا من ذكر هاذم اللذات " (٢).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أتيت رسول - صلى الله عليه وسلم - عاشر عشرة، فقال رجل من الأنصار: " من أكيس الناس، وأكرم الناس يا رسول الله؟ "، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " أكثرهم ذكرًا للموت، وأشدهم له استعدادًا، أولئك هم الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا، وكرامة الآخرة " (٣).

قال الحسن: " ما رأيت عاقلاً قط، إلا أصبته من الموت حذرًا، وعليه حزينًا "، وكان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء، فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة، ثم يبكون حتى كان بين أيديهم جَنازة، وقال أشعث: " كنا ندخل على الحسن، فإنما هو النار، وأمر الآخرة، وذكر الموت ".

وكتب بعض الحكماء إلى رجل من إخوانه: " يا أخي احذر الموت في هذه الدار؛ قبل أن تصير إلى دار تتمنى فيها الموت فلا تجده ".


(١) " السابق " (٦/ ٢٩١ - ٢٩٢).
(٢) رواه الترمذي (٦/ ٥٩٤ - تحفة)، وقال: " حسن غريب "، والنسائي (٤/ ٤)، وابن ماجه (٤٢٥٨)، وابن حبان (٢٥٥٩، ٢٥٦٢)، والحاكم (٤/ ٣٢١)، وقال: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في " الإرواء " (٣/ ١٤٥) بشواهده- والهاذم هو القاطع.
(٣) رواه ابن ماجه (٤٢٥٩)، وابن أبي الدنيا، قال العراقي: " إسناده جيد "، وحسنه الألباني في " الصحيحة " رقم (١٣٨٥).

<<  <   >  >>