للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخرج ناحية الصفا، فصلى ركعتين، ثم احتبى، فلما فرغ؛ احتوشناه كما يصنع أصحاب الحديث، فلما جلسنا؛ قام من بيننا كالمغضب، فجئنا مشائخنا، فقالوا: " أي شيء كتبتم عن مالك؟ "، فأخبرناهم بالذي فعل، فقالوا: " الذي فعلتم لا يحتمله مالك "، فلما كان من الغد جئنا واحدًا واحدًا، وعلينا السكون، محدَّثَنا، وقال: " الذي فعلتم أمسِ فعلُ السفهاء ") (١).

وعن معاذ بن سعيد قال: (كنا عند عطاء بن أبي رباح، فتحدث رجل بحديث فاعترض له آخر في حديثه، فقال عطاء: " سبحان الله! ما هذه الأخلاق؟! ما هذه الأخلاق؟! إني لأسمع الحديث من الرجل وأنا أعلم به، فأريه أني لا أحسن منه شيئًا ") (٢).

وتراه يصغي للحديث بسمعه ... وبقلبه ولعله أدرى به

ورأى الفضيل قومًا من أصحاب الحديث يمرحون ويضحكون، فناداهم: " مَهْلاً يا ورثة الأنبياء، مهلاً " ثلاثًا " إنكم أئمة يقتدى بكم " (٣).

وعن عبد الرحمن بن عمر قال: (ضحك رجل في مجلس عبد الرحمن بن مهدي، فقال: " من ضحك؟ "، فأشاروا إلى رجل، فقال: " تطلب العلم وأنت تضحك؟ لا حدثتكم شهرًا ") (٤).

وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: (ضحك رجل عند هشام الدستوائي، فقال له هشام: " يا فتى تطلب العلم وتضحك! "، قال: فقال: " أليس الله أضحك وأبكى؟! "، فقال هشام: " فابكِ إذَنْ ") (٥).


(١) " ترتيب المدارك " (١/ ١٥٧).
(٢) ونظير هذا الخلق ما قال سفيان الثوري رحمه الله: " إن الرجل ليحدثني بالحديث قد سمعته أنا قبل أن تلده أمه، فيحملني حسنُ الأدب أن أسمعه منه " كما في " سير أعلام النبلاء " (٥/ ٨٦).
(٣) " سير أعلام النبلاء " (٨/ ٤٣٥).
(٤) " الجامع " للخطيب البغدادي (١/ ١٩٣).
(٥) " السابق " (١/ ١٥٧).

<<  <   >  >>