للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطلَّق، وظاهر، فما كان أحدٌ منكم فقه عني، ولا ردَّ عَلَيَّ، فاتَّبعني إلى منزلي، وقال لي كذا وكذا، وأعاد ما جرى بيني وبينه، وأنا تائب عن قولي بالأمس، وراجعٌ عنه إلى الحق، فمَن سمعه ممَّن حضر؛ فلا يُعَوّلْ عليه، ومَن غاب؛ فليبلغه مَن حضر، فجزاه الله خيرًا "، وجعل يحفل في الدعاء، والخلق يؤمِّنون.

فانظروا -رحمكم الله- إلى هذا الدين المتين، والاعتراف بالعلم لأهله على رؤوس الملإ، ومن رجل ظهرت رياسته، واشتهرت نفاسته، لغريبٍ مجهولِ العين، لا يُعرف مَن، ولا مِن أين، واقتدُوا به؛ ترشدوا) (١) انتهى.

وقال التنوخي رحمه الله تعالى: (كان ابن الأنباري النحوي يُملي من حفظه، وما أملى من دفتر قط، حكى الدارقطني: أنه حضره يُصحّف في اسم، قال: فأعظمت له أن يُحْمَل عنه وَهْم، وهبتُه، فعرَّفت مستملِيَه، فلمَّا حضرت الجمعة الأخرى، قال ابن الأنباري: " إنَّا صَحَّفْنا الاسمَ الفلانيَّ، ونبهَنا عليه ذلك الشابُّ على الصواب ") (٢).

وحكى الإمام عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله عن شيخه عبيد الله بن الحسن العنبري أحد سادات البصرة وعلمائها، قال: (كنا في جنازة، فسألته عن مسألة، فغلِط فيها، فقلت له: أصلحك الله، القولُ فيها كذا وكذا "، فأطرق ساعة، ثم رفع رأسه، فقال: " إذًا أرجع وأنا صاغر، لأن أكون ذَنَبًا في الحق


(١) " أحكام القرآن " (١/ ١٨٢ - ١٨٣).
(٢) " تاريخ بغداد " (٣/ ١٨٣)، وحُكي أنه نوقش بعضهم في مسألة أخطأ فيها، فلما تبين له خطؤه، رجع إلى الحق قائلاً: " ما بيني وبين الحق من عداوة "، انظر: " حاشية رسالة المسترشدين " ص (٦٢).

<<  <   >  >>