للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنس: فأكثر الأنصارُ البكاءَ، وأكثر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: " سلوني "، فقال أنس: فقام إليه رجل فقال: " أين مدخلي يا رسول الله؟! " قال: " النار "، فقام عبد الله بن حذافة فقال: " من أبي يا رسول الله؟! " قال: " أبوك حذافة "، قال: ثم أكثر أن يقول: " سلوني "، فبرك عمر على ركبتيه فقال: " رضينا بالله ربا ً، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً ".

قال: فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال عمر ذلك.

ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " والذي نفسي بيده! لقد عُرِضتْ علي الجنة والنار آنفًا في عُرْض هذا الحائط وأنا أصلي، فلم أر كاليوم في الخير والشر " (١).

وعن أبي البختري عن عليّ رضي الله عنه قال: (لما نزلت هذه الآية: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧]، قالوا: " يا رسول الله! أفي كل عام؟ "، فسكت، فقالوا: " أفي كل عام؟ "، فسكت، قال: ثم قالوا: " أفي كل عام؟ "، فقال: " لا، ولو قلت: نعم، لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم "، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا ..... } الآية) (٢).

قال الحافظ ابن حجر في " الفتح ": (والحاصل أنها نزلت بسبب كثرة المسائل، إما على سبيل الاستهزاء أو الامتحان، وإما على سبيل التعنت، عن الشيء، الذي لو لم يُسأل عنه لكان على الإباحة) (٣) اهـ.


(١) رواه البخاري (١٣/ ٢٦٥) رقم (٧٢٩٤).
(٢) رواه الترمذي (٤/ ٨)، ورواه الإمام أحمد (١/ ٢٥٥، ٢٩١) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (٢/ ٥٠٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) " فتح الباري " (٨/ ٢٨٢).

<<  <   >  >>