للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيان أن النهي في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} مقيد بما لا تدعو إليه حاجة

نقل القاسمي رحمه الله عن بعض المفسرين قوله: (لابد من تقييد النهي في هذه الآية بما لا تدعو إليه حاجة؛ لأن الأمر الذي تدعو إليه الحاجة في أمور الدين قد أذن الله بالسؤال عنه، فقال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] وقال - صلى الله عليه وسلم -: " قاتلهم الله، ألا سألوا إِذ لم يعلموا، فإِنما شفاء العِيِّ السؤال ... ") انتهى.

وليس العمى طول السؤال وإنما ... تمام العمى: طولُ السكوتِ على الجهل

وعن علي رضي الله عنه: " العلم قُفْلٌ، ومفتاحه السؤال " (١).

وقال ابن شهاب: " العلم خزانة، مفتاحها المسألة " (٢).

ثم قال القاسمي رحمه الله تعالى:

(ولا يخفى أن الآية بقيدها -أعني: {إِنْ تُبْدَ ... } إلخ- غنية عن أن تقيّد بقيدٍ آخر كما ذكره البعض، لأن المراد بها: ما يشق عليهم من التكاليف الصعبة، وما يفتضحون به -كما أسلفنا- مما هو خوض في الفضول، وشروع فيما لا حاجة إليه، وفيه خطر المفسدة، والشيء الذي لا يُحتاج إليه، ويكون فيه خطر المفسدة، يجب على العاقل الاحتراز عنه.

وأمّا ما تدعو إليه الحاجة؛ فلا تشمله الآية -كما يتضح من نظمها الكريم- مع


(١) " مفتاح السعادة " لطاش كبرى زاده (١/ ٢٥).
(٢) " الجامع " لابن عبد البر رقم (٥٢٤) ص (٣٧٤).

<<  <   >  >>