للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ومن الوقيعة ما قتل!]

لا ينحصر شؤم الوقيعة في العلماء في ولائم السوء التي تشيع فيها الغيبة والنميمة، لكنه يتعداها إلى آثار خطيرة في واقع الأمة، فالشر مبدؤه شرارة، " ومعظم النار من مستصغر الشرر ".

- وكثير من الفتن تُبْذَر بذرتها في مجالس الغيبة والوقيعة، ولا يتوقع أصحابها أن تبلغ ما بلغت، ثم تلقح بالنجوى، وتنتج بالشكوى، وإذا بها تشتعل وتضطرم رويدًا رويدًا حتى يستعصي إطفاؤها حتى على الذين أوقدوا شرارتها، فهؤلاء الغيابون أكلة لحوم البشر هم من الذين وصفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:

" إِن من الناس مفاتيحَ للخير مغاليقَ للشر، وإِن من الناس مفاتيح للشر، مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه " (١).

- وهاك هذه الشواهدَ التاريخيةَ التي تدل على أنه " رُبَّ قولٍ يسيلُ منه دمٌ " (٢).

قال أبو معبد عبد الله بن عكيم الجهني -تابعي جليل- في خطبة له: " لا أُعين على دم خليفة أبدًا بعد عثمان "، فقال رجل متعجبًا: " يا أبا معبد


(١) أخرجه ابن ماجه رقم (٢٣٧)، وابن أبي عاصم في " السنة " رقم (٢٩٧)، وحسنه الألباني بطرقه في " الصحيحة " رقم (١٣٣٢).
(٢) انظر: " المنهج المسلوك في سياسة الملوك " ص (٤٤٧).

<<  <   >  >>