للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخطر للمتعلم ببال، وقد يحصل بأمرٍ غير معتاد، ولكن بأمر يَهبه الله للمتعلم عند مثوله بين يدي المعلِّم، ظاهر الفقر باديَ الحاجة إلى ما يُلقى إليه.

وهذا ليس يُنكر؛ فقد نبه عليه الحديثُ الذي جاء: " إنَّ الصحابةَ أنكروا أنفسهم عندما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (١)، وحديثُ حنظلةَ الأسيدي حين شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم إذا كانوا عنده وفي مجلسه كانوا على حال يرضونها، فإذا فارقوا مجلسه زال ذلك عنهم؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لو أنكم تكونون كما تكونون عندي، لأظلَّتكم الملائكة بأجنحتها " (٢).

وقد قال عُمرُ بن الخطَّاب: " وافقتُ ربي في ثلاث " (٣)، وهي من فوائد مجالسة العلماء؛ إذ يُفتح للمتعلّم بين أيديهم ما لا يُفتح له دونهم، ويبقى ذلك النورُ لهم بمقدار ما بَقُوا في متابعة معلِّمهم، وتأدبهم معه، واقتدائهم به؛ فهذا الطريقُ نافعٌ على كل تقدير.

وقد كان المتقدمون لا يكتبُ منهم إلا القليلُ، وكانوا يكرهون ذلك، وقد كرهه مالك؛ فقيل له. فما نصنع؟ قال: " تحفظون وتفهمون حتى تستنير قلوبُكم، ثم لا تحتاجون إلى الكتابة "، وحكي عن عمرَ بن الخطَّاب كراهية الكتابة، وإنما ترخَّص الناسُ في ذلك عندما حدث النسيانُ، وخِيفَ على الشريعة الاندراس.

الطريق الثاني: مطالعة كتب المصنِّفين ومدوني الدواوين، وهو أيضًا نافعٌ في بابه؛ بشرطين:

الأول: أنْ يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب، ومعرفة


(١) انظر: " صحيح البخاري " رقم (١٢٤٢)، و " جامع بيان العلم " رقم (٢٣٨٧).
(٢) أخرجه مسلم رقم (٢٧٥٠)، وأحمد في " مسنده " (٤/ ٣٤٦)، وغيرهما.
(٣) أخرجه البخاري رقم (٤٠٢)، ورقم (٤٤٨٣)، ومسلم رقم (٢٣٩٩) وغيرهما.

<<  <   >  >>