للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بروغان البصر، وقلة الخبرة بالإعراب , أو فساد الموجود منه، وإصلاح الكتاب وكتابة ما لا يقرأ وقراءة ما لا يكتب، ومذهب صاحب الكتاب، وسقم النسخ، ورداءة النقل، وإدماج القارئ مواضع المقاطع، وخلط مبادئ التعليم، وذكر ألفاظ مصطلح عليها في تلك الصناعة، وألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة كالنورس، فهذه كلها معوقة عن العلم، وقد استراح المتعلم من تكلفها عند قراءته على المعلم.

وإذا كان الأمر على هذه الصورة فالقراءة على العلماء أجدى وأفضل من قراءة الإنسان لنفسه وهو ما أردنا بيانه ... قال الصفدي: ولهذا قال العلماء: لا تأخذ العلم من صحفي ولا من مصحفي، يعني لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف، ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف ... " اهـ.

والدليل المادي القائم على بطلان نظرة ابن رضوان: أنك ترى آلاف التراجم والسير على اختلاف الأزمان ومر الأعصار وتنوع المعارف، مشحونة بتسمية الشيوخ والتلاميذ ومستقل من ذلك ومستكثر، وانظر شذرة من المكثرين عن الشيوخ حتى بلغ بعضهم الألوف كما في " العزاب " من " الإسفار " لراقمه.

وكان أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي " م سنة ٧٤٥ هـ " (١) إذا ذكر عنده ابن مالك، يقول: أين شيوخه؟

(وقال الوليد (٢): كان الأوزاعي يقول: " كان هذا العلم كريمًا يتلاقاه الرجال بينهم، فلما دخل في الكتب، دخل فيه غير أهله "، وروى مثلها ابن المبارك عن الأوزاعي.


(١) مقدمة التحقيق لكتاب " الغنية " للقاضي عياض ص (١٦ - ١٧).
(٢) " سير أعلام النبلاء " (٧/ ١١٤).

<<  <   >  >>