للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يبين أهمية مخالطة العالم ومعرفة سيرته وتأثير ذلك في حفظ حرمته، قول بعض من ترجم لشيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن أفاض في الثناء عليه: " .. ومن خالطه وعرفه فقد ينسبني إلى التقصير فيه، ومن نابذه وخالفه قد ينسبني إلى التغالي فيه ".

ومثله قول الحافظ ابن حجر رحمه الله: " إن الذي يتصدى لضبط الوقائع من الأقوال والأفعال والرجال يلزمه التحري في النقل، فلا يجزم إلا بما يتحققه، ولا يكتفي بالقول الشائع، ولا سيما إن ترتب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحد من أهل العلم والصلاح، وإن كان في الواقعة أمر فادح -سواء كان قولاً أو فعلاً أو موقفًا- في حق المستور، فينبغي أن لا يبالغ في إفشائه، ويكتفي بالإشارة؛ لئلا يكون وقعت منه فلتة (١)؛ ولذلك يحتاج السلم أن يكون عارفًا بمقادير النادر وبأحوالهم ومنازلهم فلا يرفع الوضيع، ولا يضع الرفيع " (٢) اهـ.

وقال الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه: " .. واحفظ لكُلٍ منزلته، وأعطهم جميعًا بقسطهم من الحق، فإِن المعرفةَ بالناس بها يصابُ العَدْلُ ".

ألا ما أكثر المواقف العدائية التي بنيت على أساس مبدإ: " سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته "، فترى الرجل منحرفًا عن أهل الفضل بسبب الغواية في الرواية.

فلا تلمهم على إنكار ما نكروا ... فإنما خُلقوا أعداء ما جهِلوا


(١) ولهذا قال جمهور العلماء: " لا يثبت الجرح إلا مفسرًا مبيَّن السبب، لئلا يجرح بما يتوهمه جارحًا، وليس جارحًا ".
(٢) " ذيل التبر المسبوك " للسخاوي ص (٤).

<<  <   >  >>