للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفراغ الذي لم يبادر صاحبه إلى ملئه بالعمل الصالح.

قال - صلى الله عليه وسلم -: " نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ " (١).

وقال الحسن البصري: " نفسك إن لم تشغلها بالحق؛ شغلتك بالباطل ".

فالطاعن في أهل الحق فارغ، وأهل الحق مشغولون بحقهم، ويقول المثل العربي: " ويل للشجي من الخلي، وويل للعالم من الجاهل "، والشجي هو المشغول، والخلي هو الفارغ.

(وكم موسوعة كان يمكن أن يؤلفها فضول القول الذي قيل أثناء الفتن والمجادلات والخلافات، وكم ساعة عمل ضائعة هدرها الوقت المستهلك في استنباط الظنون؟!) (٢).

السبب الثاني عشر: الجحود وعدم الإِنصاف:

ومن مظاهره: تنكر الطالب لشيخه الذي طالما أفاده، وعلَّمه، وأحسن إليه لأجل زلة زلَّها، أو غضبة غضبها، فيجحد كل ما مضى من إحسانه إليه، ويقول كما تقول كافرات العشير: " ما رأيت منك خيرًا قط "، ويطلق لسانه في ذم شيخه والتشنيع عليه، ويقول الشاعر في مثل هذا:

فيا عجبًا لمن رَبيْتُ طفلاً ... أُلَقِّمُه بأطرافِ البنانِ

أعلِّمُه الرمايةَ كلَّ يومٍ ... فلما استد ساعدُه رماني

أعلمه الفتوةَ كل حينٍ ... فلما طرَّ شاربه جفاني

أعلمه الرواية كل وقتٍ ... فلما صار شاعِرَها هجاني


(١) رواه الإمام أحمد (١/ ٣٤٤)، والبخاري (١١/ ٢٢٩)، والترمذي رقم (٢٣٠٤).
(٢) انظر: " فضائح الفتن " ص (٨).

<<  <   >  >>