للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما ثبت في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، في (الرجل الذي قال: " إِذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذرُّوني في اليم؛ فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين "، فقال الله له: " ما حملك على ما فعلت؟ "، قال: " خشيتك "، فغفر له).

فهذا الرجل اعتقد أن الله لا يقدر على جمعه إذا فعل ذلك، أو شك، وأنه لا يبعثه، وكل واحد من هذين الاعتقادين كفر يكفر من قامت عليه الحجة، لكنه كان يجهل ذلك، ولم يبلغه العلم بما يرده عن جهله، وكان عنده إيمان بالله وبأمره ونهيه ووعده ووعيده، فخاف عن عقابه، فغفر الله له لخشيته.

فمن أخطأ في بعض مسائل الاعتقاد من أهل الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر والعمل الصالح، لم يكن أسوأ حالاً من هذا الرجل، فيغفر الله خطأه، أو يعذبه إن كان منه تفريط في اتباع الحق على قدر دينه، وأما تكفير شخص عُلم إيمانه بمجرد الغلط في ذلك فعظيم) (١) اهـ.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (كل من كان مؤمنًا بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - هو خير من كل من كفر به، وإن كان في المؤمن بذلك نوع من البدعة، سواء كانت بدعة الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية، أو غيرهم، فإن اليهود والنصارى كفار كفرًا معلومًا بالاضطرار من دين الإسلام، والمبتدع إذا كان يحسب أنه موافق للرسول - صلى الله عليه وسلم - لا مخالف له لم يكن كافرًا به، ولو قُدِّر أنه يُكفر فليس كفره مثل كفر من كذب الرسول - صلى الله عليه وسلم -) (٢) اهـ.


(١) وانظر: " مجموع الفتاوى " (٣/ ٢٣١)، (١١/ ٤٠٩ - ٤١٠).
(٢) " السابق " (٣٥/ ٢٠١).

<<  <   >  >>