للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في شِعب من الشعاب يعبد الله، ويدع الناس من شره " (١).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عليهم وهم جُلُوس في مجلسٍ، فقال: " ألا أخبركم بخير الناس منزلاً؟ فقلنا: " بلى يا رسول الله قال: " رجل آخِذٌ برأس فرسه في سبيل الله حتى عُقِرَت أو يُقْتَلَ، فأخْبركم بالذي يليه؟ قلنا: " بلى يا رسول الله قال: " امرؤ معتزل في شعب يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعتزل شرور الناس " (٢) الحديث.

وقال القشيري: " ليس تحصل الغِيبة من الخلق إلا بالغَيبة عن الحق "، ولهذا كانت الغيبة وأكل لحوم الناس قوتًا لا يستغنى عن التهامه الشاردون عن منهج الله، والغافلون عن ذكره عز وجل، ومن ثم كثرت شكاوى الصالحين من أمثال هذه المجالس، وكثر تندمهم عليها، وفرارهم منها:

فقد قيل لعبد الله بن المبارك: " إذا أنت صليت، لم لا تجلس معنا؟ قال: " أجلس مع الصحابة والتابعين، انظر في كتبهم وآثارهم، فما أصنع معكم؟ إنكم تغتابون الناس " (٣).

وقد قيل: " علامة المزيد قطيعة كل خليط، لا يريد ما تريد ".

وقال محمد بن نضر الحارثي لأبي الأحوص: " أليس يزعمون أنه قال: (أنا جليس من ذكرني؟)، قال: بلى، قال: ما على أحد أن لا يجالس الناس " (٤)، وعن أبي أسامة قال: قلت لمحمد بن النضر: أما تستوحش من طول


(١) أخرجه -من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه- مسلم (١٨٨٨)، وابن ماجه (٣٩٧٨)، وابن حبان (٦٠٦) وغيرهم.
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٧)، والنسائي (٥/ ٨٣)، والدارمي (٢/ ٢٠١ - ٢٠٢)، وابن حبان (٦٠٤)، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: " وإسناده حسن ".
(٣) " سير أعلام النبلاء " (٨/ ٣٩٨).
(٤) " الزهد " لابن أبي عاصم رقم (٨٣) ص (٤٧).

<<  <   >  >>