للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لقد عبر له هؤلاء الناس بوضوح، قد يكون كبيرا أو صغيرا عن نوع من الأسف لرحيل المحتل البريطاني الذي برحيله ذهب البقشيش الذي كانوا يعتاشون منه.

هذا يعني- إجمالا- أن الحرية ليست مربحة بالنسبة لهؤلاء الناس. فهل هم خونة إذن؟ كلا، إطلاقا. إن أمور النفس البشرية ليست بمثل هذه البساطة، فهذا (البواب) وهذا (الحمال) إذا رأيا المحتل البريطاني يعود إليهم فإنهم سيحملون السلاح ضده أو إنهم سيشهرون بوجهه سلاح المقاومة السلبية كما في أيام (غاندي).

هنا تكن الحقيقة المرعبة، وحسب. إن الحرية عبء ثقيل على الشعوب التي لم تحضرها نخبتها لتحمل مسؤوليات استقلالها.

كان من السهل جدا أن نشتم الاستعمار أثناء فترة ما قبل الثورة، لقد اتبعنا هذه الطريق دون أن نتناول- ودون أن نطرح- أي مشكلة من مشاكل الاستقلال قبل استحقاقها المرعب، هذا الاستحقاق الذي يزرع اليوم القلق في نفوس عامة الشعب، ويزرع الركود الاقتصادي، وأحيانا الفوضى السياسية في معظم بلدان العالم الثالث. ما هو الحل إذن في هذه الحالة؟ للجواب على هذا السؤال، عاد بعضم بكل بساطة إلى ركوب حماره العتيق، وصرخ: فليسقط الاستعمار، ولكي يكون أشد حداثة أخذ يصرخ: فليسقط الاستعمار الجديد.

ومما يزيد الطين بلة أن الحوادث المأساوية التي تحدث في فيتنام، تعطيهم الحجة فيما يقولون.

ونحن نتساءل رغم ذلك عن المدى الذي تذهب فيه حجة ظروف حرب فيتنام؟

إنها لن تذهب بعيدا كما هو واضح ..

ثم ماذا بعد ذلك؟ الاستقلال هنا، ومشاكله هنا أيضا، وهي تلغ أكثر من أي وقت مضى. إن الآلام التي تثقل كاهل شعوب العالم، باتت أشد ما يمكن من الإقلاق.

<<  <   >  >>