للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علمي واسع الفنون، وفي كثرة تآليفه بمثابة دار للنشر، وهو فرد واحد بنفسه، يكتب بقلمه لنفسه، ويؤلف على ورقة بنفسه، ويخرج للناس فكره وعلمه: عسلا مصفى وزبدا شهيا، وما كان يكون له كل ذلك، لولا أنه كان يكسب وقته، ويدري كيف يملؤه بالاستفادة والتأليف.

[تنظيم ابن جرير لأوقاته وأعماله]

قال القاضي أبو بكر بن كامل - أحمد بن كامل الشجري - تلميذ ابن جرير وصاحبه، يصف انتظام أوقات ابن جرير وأعماله رحمه الله تعالى:

((كان إذا أكل نام في الخيش - ثياب في نسجها رقة، وخيوطها غلاظ، تتخذ من مشاقة الكتان، تلبس في الحر عند النوم لبرودتها على الجسم -، في قميص قصير الأكمام، مصبوغ بالصندل وماء الورد.

ثم يقوم فيصلي الظهر في بيته، ويكتب في تصنيفه إلى العصر، ثم يخرج فيصلي العصر، ويجلس للناس يقرئ ويقرأ عليه إلى المغرب، ثم يجلس للفقه والدرس بين يديه إلى العشاء الآخرة، ثم يدخل منزله. وقد قسم ليله ونهاره في مصلحة نفسه، ودينه، والخلق، كما وفقه الله عز وجل)). انتهى.

[ابن جرير يكتب معلومة قبيل وفاته بساعة]

وقال الأستاذ محمد كردعلي، في كتابه ((كنوز الأجداد)) (١)، في ترجمة الإمام ابن جرير الطبري: ((وما أثر عنه أضاع دقيقة من حياته في غير الإفادة والاستفادة، روى المعافى بن زكريا عن بعض الثقات، أنه كان بحضرة أبي جعفر الطبري رحمه الله تعالى قبل موته، وتوفي بعد ساعة


(١) ص ١٢٣.

<<  <   >  >>