للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنزل معاوية - رضي الله عنه -، فأرسل إلى الرجل، فأدخله، فقال القوم: هلك الرجل. ثم دخل الناس، فوجدوا الرجل معه على السرير، فقال معاوية للناس: إن هذا أحياني أحياه الله، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"سيكون بعدي أمراء يقولون، ولا يرد عليهم، يتقاحمون في النار كما تتقاحم القردة". وإني تكلمت أول جمعة فلم يرد على أحد، فخشيت أن أكون منهم، ثم تكلمت في الجمعة الثانية، فلم يردَّ عليَّ أحد، فقلت في نفسي: إني من القوم. ثم تكلمت في الجمعة الثالثة، فقام هذا الرجل، فرد علي، فأحياني أحياه الله.

[لا يشارك فى باطل]

روى زياد عن مالك بن أنس قال: لما بعث أبو جعفر إلى مالك بن أنس وعبد الله ابن طاووس قال: دخلنا عليه وهو جالس على فرش وبين يديه أنطاع قد بسطت، وجلادون بأيديهم السيوف يضربون الأعناق، فأومأ إلينا أن اجلسوا، فجلسنا، فأطرق زمانًا طويلاً ثم رفع رأسه، والتفت إلى ابن طاووس وقال: حدثني عن أبيك!

فقال عبد الله: حدثني أبي قال: إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة رجل أشركه الله تعالى في سلطانه، فأدخل عليه الجور في حكمه.

فاغتاظ المنصور من تعريض ابن طاووس به، وأطرق ساعة، ملأ الغضب من خلالها وجهه، حتى ظن مالك أنه الهلاك!! قال مالك: فضممت ثيابي مخافة أن يصيبني دمه.

ثم قال المنصور لابن طاووس: ناولني الدواة (قالها ثلاث مرات) فلم يفعل ابن طاووس.

فقال المنصور: لِمَ لم تناولني؟

فقال ابن طاووس: أخاف أن تكتب بها معصية، فأكون قد شاركت فيها!! فلما سمع المنصور ذلك قال لهما: قوما عني.

فقال ابن طاووس: ذلك ما كنا نبغي.

يقول مالك: فما زلت أعرف لابن طاووس فضله من ذلك اليوم (١).

[الهضيبي وجمال عبد الناصر]

من المواقف المشرفة للعلماء مع الحكام موقف الأستاذ حسن الهضيبي من جمال عبد


(١) الناطقون بالحق (٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>