للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناصر عام ١٩٥٤، حين تأزمت الأمور، وخنقت الحريات، وانتشر الظلم والعدوان، فقد بعث إليه خطابًا يأمره فيه بالمعروف، وينهاه عن المنكر، والفساد والإفساد وقد قال فيه:

السيد جمال عبد الناصر رئيس مجلس الوزراء .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد، فإني ما زلت أحييك بتحية الإسلام وأقرئك السلام، وما زلت ترد عليَّ التحية بالشتائم واتهام السرائر، واختلاق الوقائع وإخفاء الحقائق، وليس ذلك أدب الإسلام ولا من شيم الكرام، لست أطمع في نصحك بأن تلزم الحق فذاك أمر عسير، وأنت حر في أن تلقى الله تعالى على ما تريد أن تلقاه عليه، ولكني أريد أن أبصرك بأن هذه الأمة قد ضاقت بخنق حريتها وكتم أنفاسها، وأنها بحاجة إلى بصيص من نور يجعلها تؤمن بأنكم تسلكون بها سبل الخير، وأن غيركم يسلكون بها سبل الشر والهدم والتدمير إلى آخر ما تنسبون إليهم.

إن الأمة في حاجة الآن إلى القوت الضروري، القوت الذي يزيل عن نفسها الهم والغم والكرب، إنها في حاجة إلى حرية القول، ومهما قلتم إنكم تحكمونها حكمًا ديمقراطيًا فإنها لن تصدق لأنها محرومة من نعمة الكلام، والتعبير عن الرأي، فإذا حققتم ذلك فإننا نعدكم بأن نذكر الحقائق ولا نخاف من نشرها ونصدق القول ولا نشوبه بالكذب والبهتان والاختلاق، ولا نتهم لكم سريرة، ولا نبادلكم فيما تضمرون وتدخرن في أنفسكم، ولا نجاري بعض وزرائك فيما يكتبون من غثاثة وإسفاف، وإنما نعدكم -كما هو شأننا- بأن نناقش المسائل مناقشة موضوعية، أما أن تعطوا أنفسكم الحق في الكلام وتحرموا الناس منه، وأما أن تفرضوا آراءكم بالسلاح على الأمة فذلك شيء لا يعقله الناس ولا ترضاه الأمة (١).

[الشعراوي والسادات]

وقف الشيخ الشعراوي في وجه السادات وخطأه على تفويته صلاة المغرب في اجتماع سياسي جمع أعضاء مجلس الشعب والوزراء وغيرهم من كبار المسئولين، وابتدأ الاجتماع قبل المغرب واستمر حتى بعد العشاء، وعندما حانت صلاة المغرب وقف المرحوم د. السعيد أبو علي عضو مجلس الشعب عن المحلة الكبرى، وأذن للصلاة بصوت مرتفع مقاطعًا بذلك الرئيس السادات وهو يخطب خطبته المذاعة على الهواء بالإذاعة والتليفزيون، وكان الدكتور السعيد من الجمعية الشرعية، فقال له السادات: اجلس نحن في عبادة، وطلب منه الدكتور


(١) حكايات عن الإخوان (٢/ ٤١ - ٤٣) عن جريدة الحقيقة ٢٣/ ٣/ ١٩٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>