للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رفاقة، وصبر في شدة، لا يغلبه الغضب، ولا تجمع به الحمية، ولا تغلبه شهوة، ولا تفضحه بطنه، ولا يستخفه حرصه، ولا تقصر به نيته، فينصر المظلوم، ويرحم الضعيف، ولا يبخل ولا يبذر، ولا يسرف ولا يقتر، يغفر إذا ظلم، ويعفو عن الجاهل، نفسه منه في عناء والناس منه في رخاء. قيل لعبد الله بن المبارك: أجمل لنا حسن الخلق في كلمة، فقال: اترك الغضب.

يخاطبني السفيه بكل قبح ... فأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة فأزيد حلما ... كعود زاده الإحراق طيبا (١)

[الرنتيسي]

تقول زوجة الشهيد الرنتيسي: كنت أنظف البيت ووقع مني جهاز التلفاز على شاشته وتعطل تماما فاستأت كثيرا لذلك خاصة بعد خروجه من المعتقل والوضع المادي صعب لا يسمح بشراء جهاز آخر، ولكنه حينما حضر وسألني عن سبب استيائي فأخبرته، فقال: للأشياء آجال، قدر الله وما شاء فعل، قالها وهو مبتسم (٢).

[كلمات من ذهب]

قال عمر - رضي الله عنه -: من اتقى الله لم يشف غيظه، ومن خاف الله لم يفعل ما يشاء، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون، وقال لقمان لابنه: يا بني لا تذهب ماء وجهك بالمسألة، ولا تشف غيظك بفضيحتك، واعرف قدرك تنفعك معيشتك.

وقال أيوب: حلم ساعة يدفع شرا كثيرا.

واجتمع سفيان الثوري وأبو خزيمة اليربوعي والفضيل بن عياض فتذاكروا الزهد، فأجمعوا على أن أفضل الأعمال الحلم عند الغضب، والصبر عند الجزع.

وقال رجل لعمر - رضي الله عنه -: والله ما تقضي بالعدل ولا تعطي الجزل، فغضب عمر حتى عرف ذلك في وجهه، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين ألا تسمع إلى الله تعالى يقول: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] فهذا من الجاهلين.


(١) (ديوان الشافعي ٥٢).
(٢) مذكرات الشهيد الرنتيسي ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>