للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالت: يا هذا، لا جزاه الله عني خيرا.

قال: ولم؟

قالت: لأنه ما أنالني من عطائه منذ ولي أمر المسلمين دينارا ولا درهما.

فقال: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟

فقالت: سبحان الله، والله ما ظننت أحدا يولى على الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.

فبكى عمر وقال: واعمراه! كل الناس أفقه منك حتى العجائز يا عمر، ثم قال لها: يا أمة الله بكم تبيعين ظلامتك من عمر فإني أرحمه من النار؟

فقالت: لا تهزأ بنا، يرحمك الله.

فقال عمر: لست أهزأ بك، ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين دينار.

فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فوضعت العجوز يدها على رأشها وقالت: واسوءتاه! شتمت أمير المؤمنين في وجهه.

فقال لها عمر: لا بأس عليك، يرحمك الله، ثم طلب قطعة جلد يكتب فيها فلم يجد، فقطع قطعة من مرقعته وكتب فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي الخلافة إلى يوم كذا بخمسة وعشرين دينارًا، فما تدعي عليه عند وقوفه في الحشر بين يدي الله تعالى فعمر بريء منه، شهد على ذلك علي وابن مسعود".

ثم دفعها إلى ولده وقال له: إذا أنا مت فاجعلها في كفني ألقى بها ربي (١).

[رجل يضرب الأمير]

عن عمر بن شيبة قال: قال عمرو بن العاص - رضي الله عنه - لرجل من تجيب: يا منافق. فقال التجيبي: يا أمير المؤمنين، إن عَمْرًا نفَّقني، ولا والله ما نافقت منذ أسلمت، فكتب عمر -رضوان الله عليه- إلى عمرو، وكان إذا غضب كتب: إلى العاصي بن العاصي: أما بعد،


(١) مائة موقف من حياة العظماء٢٤، ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>